إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
درس الآداب والأخلاق الشرعية
6285 مشاهدة
التعاون

معلوم أن من الآداب الشرعية: التعاون. من الآداب الشرعية أن يتعاون المسلمون، وليس التعاون في قوله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى خاصا بالتعاون على أمور الدين؛ بل التعاون أيضا على أمور الدنيا، والتعاون على تنفيذ حدود الله وعلى تنفيذ أوامره، وعلى الأمر بالخير والدعوة إليه. هذا من الآداب الشرعية، فالله تعالى أمر بذلك أمرا مطلقا في قوله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ .
ومتى يكون هذا التعاون؟ لا شك أنه لا يكون التعاون صحيحا إلا إذا ائتلفت القلوب وتقاربت وتحابت، وحسنت الظنون من الأشخاص بعضهم ببعض، وأحب بعضهم بعضا، ووقر بعضهم بعضا، فعند ذلك يتزاورون في ذات الله، ويتجالسون في ذات الله، ويتبادلون المحبة ويتبادلون النصيحة، ويرشد بعضهم بعضا ويهدي بعضهم بعضا، ويبين أحدهم لأخيه النقص الذي عليه.
ثم بعد ذلك يفكرون في علاج الأمة في علاجها، ماذا نفعل حتى تعود الأمة إلى دينها؟ إذا رأينا أن الأمة متفرقة، إذا رأينا أن المعاصي قد تمكنت وكثر أهلها، إذا رأينا دعاة الفساد ودعاة الضلال يتعاونون على ضلالهم ويمد بعضهم بعضا ويقوي بعضهم بعضا، أفلا نكون نحن ونحن أولى بالحق، ونحن أهل الآداب الشرعية، وأهل الأخلاق النبوية الذين تخلقوا بخلق النبي -صلى الله عليه وسلم- ألا نتأدب بأدبه؟! ومن أدبه ومما أدب به: التعاون على الخير والدلالة عليه.
لا شك أن هذا من آثار هذه المودة، ومن آداب وأخلاق الإيمان الذي تخلق به النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي دل عليه القرآن، سئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ فقالت: كان خلقه القرآن. يعني: يتأدب بآدابه ويتخلق بأخلاقه ويعمل بإرشاداته ويهتدي بهديه ويسير على نهجه، فهو متبع للقرآن.
وهكذا أمته يتأدبون بآداب نبيهم التي احتوى عليها القرآن، والتي رويت عن نبيهم -عليه الصلاة والسلام- والتي سار عليها صحابته.